تبعد القَيْرَوَان حوالي 156كم عن تونس العاصمة، وتقع في الوسط الغربي. ومنها انطلقت حملات الفتح الاسلامي نحو الجزائر والمغرب وإسبانيا وإفريقيا. وتعتبر القيروان بداية تاريخ الحضارة العربية الإسلامية في المغرب العربي ومن أقدم وأهم المدن الإسلامية.
كلمة القيروان هي كلمة فارسية دخلت إلى العربية، وتعني مكان السلاح ومحط الجيش أو استراحة القافلة وموضع اجتماع الناس في الحرب..
تاريخ القيروان
يعود تاريخ القيروان إلى عام 50 هـ / 670 م، وأنشأها عقبة بن نافع. وكان هدفه من هذا البناء أن يستقر بها المسلمون. وقد كانت مدينة القيروان تلعب دورين هامين في آن واحد، هما الجهاد والدعوة، فبينما كانت الجيوش تخرج منها للغزو والتوسعات، كان الفقهاء يخرجون منها لينتشروا بين البلاد يعلِّمون العربية وينشرون الإسلام.
ولقد بقيت القيروان حوالي أربعة قرون عاصمة الإسلام الأولى لإفريقية والأندلس ومركزا حربيّا للجيوش الإسلامية ونقطة ارتكاز رئيسية لإشاعة اللغة العربية. ووقد ارتبطت القيروان ارتباطا وثيقا بعقبة بن نافع وقولته المشهورة عندما بلغ في توسعاته المحيط الاطلسي وهو يرفع يده إلى السماء ويصرخ بأعلى صوته : “اللهم اشهد أني بلغت المجهود ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل من كفر بك حتى لا يعبد أحد من دونك”.
اختيار موقع القيروان
جمع عقبة بن نافع بعد انتهائه من بناء مدينة القيروان وجوه أصحابه وأهل العسكر فدار بهم حول مدينة القيروان، وأقبل يدعو لها ويقول في دعائه “اللهم املأها علما وفقها، وأعمرها بالمطيعين والعابدين، واجعلها عزا لدينك وذلا لمن كفر بك، وأعز بها الإسلام”.
وينسب تأسيسها الى عقبة ابن نافع على عدة مراحل، واسهم فيه عدد من القادة العسكريين. ولقد مكنت معركة سبيطلة (في سنة 27هـ/ 647-648م) عبد الله بن سعد بن ابي سرح من التحكم عمليا في قيادة مقاطعة المزاق البيزنطية، بعد تراجع البيزنطيين الى ما وراء خطوطهم الخلفية المحصنة التي كانت تحمي مقاطعة البروقنصلية. وليس من المحال ولا من الغريب ان يكون اولئك الفاتحون الاولون قد بلغوا انذاك في غاراتهم نواحي القيروان، قبل الانجلاء عن البلاد مقابل جزية ذات وزن وقيمة.
بل ان ابن ناجي يشير (المعالم، ط. تونس 1320هـ/1902م، ج. 1، ص30) الى وجود مسجد بالقيروان بالقيروان اطلق عليه اسم ابن ابي سرح. وفيما بعد تزداد الامور وضوحا ودقة. فقد اقام معاوية بن حديج في سنة 34هـ/654-655م. وعبر في المرات الثلاث الممر نفسه الذي سلكه سلفه، ووصل الي منطقة قمونية حيث نزل بجيشه. ويخبرنا بتفاصيل ذلك ابن عبد الحكم فيقول إن ابن حديج في سنة 34هـ/654-655م “افتتح قصورا وغنم مغانم عظيمة واتخذ قيروانا عند القرن” ونجد معاوية ابن حديج اختط مدينة عند القرن قبل تأسيس عقبة القيروان، وأقام بها كامل المدة التي بقي فيها بإفريقية ويؤكد ذلك ابن ناجي من جهته فيقول : “وعند عودته الي قمونية ابتنى ابن حدبج بناحية القرن مساكن سماها القيروان، وكان موقع القيروان الحالية لايزال غير مسكون ولا معمور (المعالم، ج.1، ص41).
اما الموضع الذي سماه ابن حديج “القرن” (أي الجبل) فهو يستمد من علو موقعه. وهو دون شك ذلك الجبيل الصغير (على ارتفاع 171 مترا) المعروف اليوم ببطن القرن والواقع على مسافة 12كم بالشمال الغربي من مدينة القيروان الحالية على طريق جلولا. فالاختيار الاول بخصوص تأسيس القيروان وقع حينئذ على مكان مرتفع في مأمن من الهجومات المباغتة ومن مخاطر الفيضانات. هذا ولئن لم تحافظ “قيروان” معاوية بن حديج على دورها باعتبارها عاصمة لافريقية فإنها لم تفقد مع ذلك وجودها، واقتصر الناس بعد ذلك على تسميتها بالقرن. فبموقع القرن هزم في سنة 124 هـ/742م، الثائر الخارجي عكاشة على يد حنظلة بن صفوان والي افريقية. وقد ورد ذكر القران مرة اخرى في اواخر القرن الثاني هـ / اوائل القرن التاسع ميلادي، ثم لا نقف بعد ذلك على اثر لها عند المؤلفين، فلا يذكرها البكري ولا الادريسي.
وفي سنة 50هـ/670م قام الخليفة معاوية مؤسس الدولة الاموية بفضل افريقية عن حكم ابن حديج ليعهد بولايتها الى عقبة بن نافع، مقرا مع ذلك ابن حديج على ولاية مصر. وعندما حل عقبة بمقر ولايته لم يعجب بالقيروان الذي كان معاوية بن حديج قد بناه فاختار موضعا سهلا كثر الشجر والنبات تأتي اليه الهوام والوحوش. وهناك اقيمت المدينة فبنى المسجد والجامع ودار الامارة وجها لوجه.
وتوسعت المدينة لمسافة ميلين على طريق تونس ليؤسس العاصمة التي اطلق عليها اسم تاكروان وقد عثر على اثارها وذكرت في مؤلف المعالي لابن ناجي. وبناحية الشمال غير بعيد عن القيروان يوجد مكان يدعى الاصنام وهو يستمد اسمه على ما يبدو من كثرة عدد التماثيل التي عثر عليها الفاتحون العرب هناك. ويؤكد البكري ان سوق الضرب كانت فيما مضى موقعا لكنيسة. هذا وتؤكد المصادر بوضوح ان مدينة القديمة كانت لأوائل تسمى قمونية. هذا الموقع لم يكن عند تأسيس القيروان على ما ال اليه فيما بعد من الجفاف و الجدب.
اما على مسافة بضعة اميال جنوبي موقع تأسيس القيروان عثر على منشاة لخزن المياه اطلق عليها اسم “قصر الماء” يزودها مجرى مبني يجلب المياه الملتقطة من العيون على بعد 33 كم غربا، بمنطقة ممّس التي تسمى حاليا “هنشير الدواميس”.
ان المنطقة التي وقع الاختيار عليها لتأسيس القيروان تتوفر فيها اهم الخصائص الاستراتيجية والاقتصادية الضرورية لنمو مدينة كبرى.
تأسيس المدينة
كان عقبة بن نافع قد بدا بإختطاط موقع المسجد الجامع ودار الامارة وحول هذين المعلمين، وداخل منطقة يبلغ طول محيطها 13.600 ذراع (ابن العذاري، البيان، ج 1 ، ص.21) اي ما يقارب 7.5كلم، قسمت الاراضي ووزعت على القبائل، مثلما حصل من قبل بالكوفة والبصرة، وقد اسست في ظروف مماثلة. لم يكن للقيروان سور يحميها في بادئ الامر فبقيت ما يناهز القرن مدينة مفتوحة على ما حولها. ثم اضطرتها صروف الزمان، كما راينا الى الاحتماء منذ سنة 144هـ/762م، باسوار سمكها عشرة اذرع. (البكرى ، المسالك، ص24). وقد كانت ولاية يزيد بن حاتم المهبلي محمودة العواقب على المدينة، فبادر بتنظيم اسواقها وأفراد كل منها بصنف من النشاط (ابن عذاري، البيان، ج.1، ص78).
وبلغت المدينة اوج عزها وازدهارها في القرن الثالث هـ/التاسع ميلادي، اذ اصبحت عاصمة مستقلة امرها. وأقيم بجوارها سنة 184هـ/800م قصر امارة محصنة ، وهو قصر العباسية. ثم تلاه سنة 263هـ/877م قصر امارة ثان اضخم بناء واوسع ارجاء واكثر فخامة وترفا، وهو قصر رقادة.
لعبت مدينة القيروان دورا رئيسيا في القرون الإسلامية الأولى، فكانت العاصمة السياسية للمغرب الإسلامي ومركز الثقل فيه منذ ابتداء الفتح إلى آخر دولة الأمويين بدمشق. وعندما تأسست الخلافة العباسية ببغداد رأت فيها عاصمة العباسيين خير مساند لها لما أصبح يهدد الدولة الناشئة من خطر الانقسام والتفكك. ومع ظهور عدة دول مناوئة للعاصمة العباسية في المغرب الإسلامي فقد نشأت دولة الأمويين بالأندلس، ونشأت الدولة الرستمية من الخوارج في الجزائر، ونشأت الدولة الإدريسية العلوية في المغرب الأقصى.
وكانت كل دولة من تلك الدول تحمل عداوة لبني العباس خاصة الدولة الإدريسية الشيعية التي تعتبرها بغداد أكبر خطر يهددها. لهذا كله رأى هارون الرشيد أن يتخذ سدا منيعا يحول دون تسرب الخطر الشيعي. ولم ير إلا عاصمة إفريقية قادرة على ذلك، فأعطى لإبراهيم بن الأغلب الاستقلال في النفوذ وتسلسل الإمارة في نسله.
وقامت دولة الأغالبة (184-296هـ / 800 -909م) كوحدة مستقلة ومدافعة عن الخلافة. وقد كانت دولة الأغالبة هذا الدرع المنيع أيام استقرارها، ونجحت في ضم صقلية إلى ملكها عام 264 هـ / 878 م، وقام أمراؤها الأوائل بأعمال بنائية ضخمة في القيروان ذاتها ومنها توسيع الجامع في القيروان، وتوسيع الجامع في تونس، كما عمل الأغالبة على الاهتمام بالزراعة والري في المنطقة، وأقاموا الفسقية المشهورة.
وقد استغل الأمراء الأغالبة تلك المكانة واتخذوها سلاحا يهددون به عاصمة بغداد كلما هم خليفة من خلفائها بالتقليل من شأن الأمراء الأغالبة أو انتقاص سيادتهم. وهذا ما فعله زيادة الله بن الأغلب مع الخليفة المأمون العباسي. فقد أراد هذا الأخير إلحاق القيراون بولاية مصر، وطلب من زيادة الله أن يدعو لعبد الله بن طاهر بن الحسين والي المأمون على مصر فأدخل زيادة الله رسول المأمون إليه، وقال له: إن الخليفة يأمرني بالدعاء لعبد خزاعة. هذا لا يكون أبدا ثم مد يده إلى كيس بجنبه فيه ألف دينار ودفعه للرسول. وكان في الكيس دنانير مضروبة باسم الأدارسة في المغرب؛ ففهم المأمون مقصد الأمير الأغلبي فكف عن محاولته ولم يعد إليها.
وبسبب هذه المكانة فقد عمل على التقرب منها أكبر ملك في أوروبا إذ بعث الإمبراطور شارلمان بسفرائه إلى إبراهيم بن الأغلب فقابلهم في دار الإمارة بالعباسية في أبهة عجيبة بالرغم من الصلات الودية التي كانت بين هذا الإمبراطور والخليفة العباسي هارون الرشيد.
وفي عهد ولاية إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب (261 – 289هـ / 875 -902م) بدأت الفتن تدب بين أمراء الأغالبة. وكان إبراهيم بن أحمد سفاحا لم تسلم منه عامة الناس ولا أقرب الناس إليه وكان غدره بسبعمائة من أهل بلزمة سنة 280هـ / 894 م سببا من أسباب سقوط دولة بني الأغلب. وفي نفس السنة شقت عصا الطاعة في وجه هذا الأمير مدن تونس، وباجة، وقمودة، وغيرها. وعمت الفوضى أرجاء البلاد بينما الخطر العبيدي الشيعي يزداد يوما بعد يوم. ولما أيقن إبراهيم بن أحمد بخطر بني عبيد حاول سنة 289هـ /902 م تغيير سياسته، فرفع المظالم، واستمال الفقهاء، وبذل الأموال للشعب ولكن بدون جدوى. وفي عهد حفيده زيادة الله ازداد خوف بغداد واشتد جزعها من الزحف العبيدي فبعث الخليفة العباسي المكتفي بالله يحث أهل إفريقية على نصرة زيادة الله فلم يكن لذلك صدى في النفوس وبذل زيادة الله الأموال بلا حساب ولكن دون جدوى. فلم يمض على هذا الحادث سوى ثلاث سنوات حتى جاءت معركة الأربس الحاسمة سنة 296هـ / 909 م وفر على إثرها زيادة الله إلى المشرق ومعه وجوه رجاله وفتيانه وعبيده. وباستيلاء العبيديين على القيروان جمعوا كل المغرب تحت سيطرتهم فشجعهم ذلك على متابعة السير نحو المشرق. وأمكن لهم فيما بعد أن يستولوا على مصر والشام والحجاز. ولولا الظروف السياسية والوضع الداخلي للفاطميين لاستولوا على بغداد نفسها.
وعندما انتقل بنو عبيد إلى مصر ووصل المعز لدين الله الفاطمي القاهرة عام 362هـ / 973 م اهتموا بالقيروان واتخذوها مركزا لنائبهم في إفريقية، وعهدوا إليه بالسهر على حفظ وحدة المغرب والسيطرة عليه. واستخلف المعز الفاطمي بلكين بن زيري الصنهاجي على إفريقية، وكتب إلى العمال وولاة الأشغال بالسمع والطاعة له فأصبح أميرا على إفريقية والمغرب كله، وقام بلكين وخلفاؤه بقمع الثورات التي حصلت خاصة في المغرب في قبائل زنانة. واستمر المغرب في وحدته الصنهاجية وتبعيته إلى مصر الفاطمية إلى أن انقسم البيت الصنهاجي على نفسه فاستقل حماد الصنهاجي عن القيروان متخذا من القلعة التي بناها قاعدة لإمارته. وكان هذا الانقسام السياسي خير ممهد لظهور دولة المرابطين في المغرب الأقصى. كما كان لهذا الانقسام نتائجه الأليمة فيما بعد عندما أعلن المعز ابن باديس الصنهاجي استقلاله عن الفاطميين، فبعثوا إليه بقبائل الأعراب من الهلاليين فمزق شمل الدولة، وقضى على معالم الحضارة، وخربت القيروان، ولم تعد العاصمة السياسية القوية أو مركزا تشع منه المعارف والعلوم والآداب. و الشيخ عبد الرحمان خليف وهو العالم الفاضل الجليل الألمعي شمس عصره وزينة مصره الشيخ عبد الرحمن بن علي بن محمد العربي خليف القيرواني قدس الله ثراه وأكرم مثواه. ولد المغفور له – إن شاء الله تعالى – يوم 5 شعبان1335 الموافق للسابع والعشرين من ماي – آيار 1917.
اما مقاييس المدينة وابعادها اذ ذاك، فيشير البكري (المسالك، ص 25-26) الى ان “السماط” المحاذي للجانب الغربي من الجامع الكبير كان طوله، من باب ابي الربيع جنوبا الى باب تونس شمالا ميلين وثلث الميل، وهو ما يساوي تقريبا الاربعة كيلومترات.
وتتكون القيروان حاليا من المدينة القديمة حيث تحافظ الاسواق أو تكاد على الطابع العام الذي إكتسته منذ القرن الثامن عشر. وهذه المدينة لا تزال اليوم محاطة بأسوار ذات شرفات، مبنية بالتبن، تحصن جنباتها بين المسافة والأخرى دعائم وأكتاف قائمة مستديرة. ويزيد طول هذه الاسوار على ثلاثة كيلومترات وبغرب المدينة وشمالها الغربي تمتد أرباض “القبلية” و “الجبلية” و”جلاص”، وفي الناحية الجنوبية بين باب الجلادين والذي اطلق عليه منذ الاستقلال اسم باب الشهداء، وهو باب الدخول الى المدينة القديمة ومحطة السكة الحديدية، تقع المدينة العصرية حيث توجد الدواوين الادارية والبنوك والنزل وغير ذلك…
اما اهم المعالم التاريخية بالمدينة، بالإضافة الى الجامع الكبير، فهي مسجد ابن خيرون المعافري الاندلسي والثلاثة بيبان التي تشكل واجهته انموذجا جميلا من المعمار الأغلبي. وقد كان في أول الامر مقاما بسيطا وقديما يؤوي قبر احد صحابة الرسول عليه السلام، وهو ابو زمعة البلوي. وفي ذلك الموقع قام الباي حمودة باشا المرادي بتشييد المبنى الحالي، وكذلك مقام سيدي عمر عبادة الذي تم بناؤه في القرن التاسع عشر بأمر من الصادق باي (1859-1882).
السكان
يذكر اليعقوبي الذي كان يكتب في النصف الثاني من ق 3هـ/9م ان زائر القيروان يلقى بها اناسا من مختلف العناصر والاجناس. فمن عرب ينتسبون الى قريش ومضر وربيعة وقحطان وغيرها من القبائل، و فرس من خرسان الى بربر وروم وغير ذلك. والى جانب المسلمسن –وهم الاغلبية- فقد كان يوجد بها يهود ونصارى. ولقد رخص الوالي الفضل بن روح (177-178 هـ/ 793-794م) باقامة كنيسة بالمدينة. وقد كان لكنيسة القيروان في اواسط القرن الثالث هـ/ التاسع ميلادي عدة رؤوساء (عياض المدارك، ص 132). ومن الثابت ان عدد السكان قد استمر في التزايد في عهد الاغالبة، وهو ما يفسر اقامة خزانات جديدة للمياه لسد الحاجات المتزايدة.
وقد منح تساكن الناس بها بحسب قبائلهم وعشائرهم وأحيانا بحسب اصولهم او معتقداتهم، جريا على التخطيط القديم، كل الضمانات لممارسة الافراد بها حرياتهم الاساسية وعدم دخول الخلل عليهم في حياتهم وأرزاقهم. فترى المدينة في سائر احوالها سواءا كبرت ام صغرت مجتمعا متضامنا كالجسد الواحد لا مجرد متساكنين نكرات لا يقوم لمعنى الحوار بينهم الا معنى جوار الجدران..
ولقد تطورت العلاقة بين اهل المدينة والقبائل المجاورة الى تعايش وسلام تام. وكان الاختلاط الحاصل بين سكان المدينة المنحدرين من اصول شتى عربية وبربرية ورومانية ويونانية وافريقية وفارسية …. تأثير واضح في استقامة اجسام اهل القيروان وجمال نسائهم.
وكان المجتمع القيرواني يقوم على اصناف اجتماعية عديدة وقد كان التفاضل بينهم بحسب اصل تلك الاقوام وعصبيتها في الدولة وفي كونها من اهل الذمة او الارقاء والمرتزقة والمصطنعين….
الاشعاع العلمي والثقافي
كانت القيروان أولى المراكز العلمية في المغرب العربي تليها قرطبة في الأندلس ثم فاس في المغرب الأقصى. وكان مسجد عقبة الجامع ومعه بقية مساجد القيروان تعقد فيه حلقات للتدريس وأنشئت مدارس جامعة أطلقوا عليها (دور الحكمة). واستقدم لها العلماء والفقهاء ورجال الدعوة من الشرق فكانت هذه المدارس وما اقترن به إنشاؤها من انصراف القائمين عليها للدرس والبحث عاملا في رفع شأن لغة القرآن لغة العرب وثقافتهم. ولقد كان للقيروان دور كبير في نشر وتعليم الدين وعلومه بحكم ما علق على هذه المدينة من آمال في هداية الناس وجلبهم إلى إفريقية وهي نقطة هامة لاحظها الفاتحون منذ أن استقر رأيهم على إنشاء مدينة القيروان، فعندما عزم عقبة بن نافع ومن معه على وضع محراب المسجد الجامع فكروا كثيرا في متجه القبلة، وراقبوا طلوع الشمس وغروبها عدة أيام. وقال له أصحابه إن أهل المغرب يضعون قبلتهم على قبلة هذا المسجد فأجهد نفسك في تقويمه. واجتهد عقبة بن نافع. وكان موفقا في اجتهاده. وأصبح محراب القيروان أسوة وقدوة لبقية مساجد المغرب الإسلامي بمعناه الواسع حتى إن محمد بن حارث الخشني بعد أن قدم من القيروان إلى سبتة وشاهد انحراف مسجدها عن قبلة الصلاة عدله وصوبه. وفي عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز (99-101هـ / 717 -720م) أراد تثقيف أهل المغرب وتعليمهم أمر دينهم فجعل من مدينة القيروان مركزا للبعثة العلمية المكونة من عشرة أشخاص من التابعين فأرسلهم إلى إفريقية حيث انقطعوا إلى تعليم السكان أمور الدين، ومات غالب أفراد البعثة في مدينة القيروان نفسها. وهكذا أصبحت مدينة القيروان مركزا للعلم في المغرب الإسلامي. ومنها خرجت علوم المذهب المالكي، وإلى أئمتها كل عالم ينتسب وكان قاضي القيروان يمثل أعلى منصب ديني في عموم البلاد المغربية، وإليه المرجع في تسمية قضاة مختلف الجهات. و أسهمت القيروان في عهد الأغالبة في نشر المذهب المالكي في أرجاء الدولة الأغلبية، ومنها انتشر في صقلية والأندلس. وقد تم ذلك على يد الإمام سحنون (160-240هـ / 777 -855م)، وأقرانه وتلاميذه. فهؤلاء كانوا يلتزمون المذهب المالكي، إذ أنهم كانوا يذهبون لأداء فريضة الحج، ثم يلزمون الإمام مالك بن أنس في المدينة المنورة، فتأثروا بفقهه.
وقد ولي سحنون قضاء القيروان (234-240هـ / 848 -854 م)، فكان صاحب النفوذ الأكبر لا في شئون القضاء فحسب، بل في جميع شئون الدولة. ولما عاد سحنون من المدينة المنورة كان قد وضع أسس الكتاب الذي دونه ويسمى المدونة التي أصبحت قاعدة التدريس في المغرب الأدنى ومن هناك انتقلت إلى الأندلس. وكانت الكتب الفقهية التي ألفها علماء القيروان ابتداء من كتاب المدونة لصاحبه الفقيه الكبير سحنون والذي أصبح مرجعا دينيا لرجال القيروان، إلى رسالة ابن أبي زيد ونوادره وزياداته إلى تهذيب أبي سعيد البرادعي، كانت هذه الكتب وأمثالها عمدة الدارسين والشراح والمعلقين لا يعرفون غيرها إلى المائة السابعة من التاريخ الهجري عندما ابتدأت كتب المشارقة تأتي إلى المغرب مثل مختصر ابن الحاجب ومختصر خليل فيما بعد. كما كان للعلماء تأثير مباشر على العامة. وكانت دروس الفقه والعلم تقام في المساجد وفي الدور والحوانيت. وبلغ من منزلة العلم والعلماء في القيروان ان احد ملوك الحسينيين وهو علي باشا بن حسين تركي ، قد خصص جزية اهل الدمة لعلماء القيروان وطلابها.
بيت الحكمة
أنشئت في القيروان المكتبات العامة والمكتبات الملحقة بالجوامع والمدارس والزوايا وكانت مفتوحة للدارسين وتضم نفائس أمهات الكتب. ومن أشهر مكتبات القيروان بيت الحكمة الذي أنشأه إبراهيم الثاني الأغلبي 261-289هـ / 875 -902م، في رقادة بالقيروان محاكاة لبيت الحكمة التي أسسها هارون الرشيد في بغداد حيث كانت هذه البيت نواة لمدرسة الطب القيروانية التي أثرت في الحركة العلمية في المغرب لزمن طويل. وقد استقدم إبراهيم بن أحمد الأغلبي أعدادا كبيرة من علماء الفلك والطب والنبات والهندسة والرياضيات من المشرق والمغرب وزوده بالآلات الفلكية. وكان إبراهيم بن أحمد يبعث كل عام (وأحيانا كل ستة أشهر) بعثة إلى بغداد هدفها تجديد ولائه للخلافة العباسية واقتناء نفائس الكتب المشرقية في الحكمة والفلك مما لا نظير له في المغرب واستقدام مشاهير العلماء في العراق ومصر. وعلى هذا النحو أمكنه في أمد قصير أن يقيم في رقادة نموذجا مصغرا من بيت الحكمة في بغداد، ولم يلبث هذا البيت أن وقع في أيدي الفاطميين بعد سنوات معدودة من وفاته. ولقد كان بيت الحكمة معهدا علميا للدرس والبحث العلمي والترجمة من اللاتينية، ومركزا لنسخ المصنفات، وكان يتولى الإشراف عليه حفظة مهمتهم السهر على حراسة ما يحتويه من كتب، وتزويد الباحثين والمترددين عليه من طلاب العلم بما يلزمهم من هذه الكتب حسب تخصصاتهم، ويرأس هؤلاء الحفظة ناظر كان يعرف بصاحب بيت الحكمة. وأول من تولى هذا المنصب عالم الرياضيات أبو اليسر إبراهيم بن محمد الشيباني الكاتب المعروف بأبي اليسر الرياضي، وهو بغدادي النشأة، حيث أتيح له أن يلتقي بالعديد من المحدثين والفقهاء والأدباء واللغويين. وكان قد تنقل في أقطار المشرق قبل أنتقاله إلى الأندلس وأخيرا استقر بالقيروان. وكان الأمير إبراهيم بن أحمد يعقد المجالس العلمية للمناظرة في بيت الحكمة، وكان يحضر هذه المجالس العلماء البارزون من فقهاء المالكية والحنفية.
أعلام القيروان
لقد تميّز كل عصر من عصور القيروان بعدد وافر من الأسماء والاعلام في شتى ضروب العلم والمعرفة لمّْا كانت عاصمة المغرب العربي وأعظم مدن القارة الإفريقية ومنارة عالية للإشعاع الفكري والديني والحضاري في عصور الأغالبة والفاطميين والصنهاجيين.
ومن هؤلاء الأعلام الإمام سحنون وابن رشيق القيرواني وابن شرف وأسد بن الفرات وابن الجزار، لكن المهتمين بالتاريخ يذكرون خصوصا اسم المعزّ بن باديس الصنهاجي كأكبر رمز لما بلغته القيروان من حضارة في عهد الصنهاجيين وعبد الله بن الأغلب الذي جعل من القيروان اسما ملأ الدنيا، أما عقبة بن نافع فإنه يظل الفاتح والمؤسس. كان من أوائل من قام بالتعليم في مدينة القيروان أولئك العشرة من التابعين الذين أرسلهم عمر بن عبد العزيز ليعلموا الناس وكان من أشهر أولئك العشرة إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر الذي كان -بالإضافة إلى أنه عامل للخليفة- من أكثر أفراد تلك البعثة اندفاعا في نشر الدين وإدخال البربر إلى الإسلام. وكان منهم عبد الله بن يزيد الحبلي الذي شهد الاستيلاء على الأندلس مع موسى بن نصير، ثم عاد إلى القيروان ومات فيها، ومنهم أيضا إسماعيل بن عبيد المشهور بلقب “تاجر الله” وهو الذي بنى المسجد المعروف باسم مسجد الزيتونة، كما بنى سوقا للتجارة عرفت باسم سوق إسماعيل. وقد استشهد غريقا في إحدى الغزوات البحرية لصقلية سنة 107هـ / 726 م، ومنهم عبد الرحمن بن رافع التنوخي أول من تولى القضاء بمدينة القيروان.
أما رواد الفقه في القيروان فهم كثير منهم الإمام سحنون بن سعيد، الفقيه صاحب أبي القاسم – تلميذ الإمام مالك – ومؤلف كتاب المدونة والذي كان له دور كبير في تدوين المذهب المالكي، وقد حضر دروس هذا الفقيه العديد من طلاب الأندلس الذين قاموا بنشر مذهبه فيما بعد، وقد عرفت من رجال الفقه كذلك أسد بن الفرات قاضي إفريقية في عهد الأغالبة وقائد الحملة إلى صقلية وفاتح الجزيرة ومحمد ابن الإمام سحنون بن سعيد وابن أبي زيد القيرواني.
كما اشتهر فيها من الشعراء: أبو عبد الله القزاز القيرواني، والحسين بن رشيق القيرواني، وابن هانئ الأندلسي، وكان من بين علمائها عبد الكريم النهشلي عالم اللغة وكان من أهل الأدب أبو إسحاق (الحصري) القيرواني صاحب زهر الآداب. أما عن مدرسة الطب فقد اشتهرت منها أسرة ابن الجزار التي توارثت الطب أبا عن جد.
المدينة الحديثة
صورة جوية للمدينة العتيقة القيروان واحوازها
تخطيط لمدينة القيروان، سلم 5000/1
إحدى ازقة المدينة العتيقة، القيروان
لافتة تشير الى اتجاه أهم معالم المدينة
بعض واجهات الدور والمنازل القيروانية
مدخل لمنزل مهجور ذو باب خشبي قديم
المعالم والآثار
- جامع عقبة وهو من أروع شواهد العمارة الإسلامية في المغرب العربي، كان يعتبر أكبر جوامع المغرب العربي حتى أواخر القرن العشرين تاريخ بناء جامع الحسن الثاني بالدار البيضاء. يعد مسجد القيروان الذي بناه عقبة بن نافع عند إنشاء المدينة من أهم معالمها عبر التاريخ. ولقد بدأ المسجد صغير المساحة، بسيط البناء، ولكن لم يمض على بنائه عشرون عاما حتى هدمه حسان بن نعمان الغساني وأقام مكانه مسجدا جديدا أكبر من الأول. وفي عهد الخليفة هشام بن عبد الملك أمر بزيادة مساحته، وأضاف إليه حديقة كبيرة في شماله، وجعل له صهريجا للمياه، وشيد مآذنه. وفي عام 155هـ / 724 م أعيد بناؤه على يد يزيد بن حاتم، وظل على حاله هذه إلى أن تولى زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب إمارة إفريقية عام 201هـ / 817 م فزاد فيه. ولقد سارت التوسعات في العصور المختلفة حتى أصبح يشغل اليوم مساحة مستطيلة تتراوح أضلاعها ما بين (70و122) مترا. ويعتبر جامع القيروان من أقدم مساجد المغرب الإسلامي والمصدر الأول الذي اقتبست منه العمارة المغربية والأندلسية عناصرها الزخرفية والمعمارية. كما كان هذا المسجد ميدانا للحلقات الدينية والعلمية واللغوية التي ضمت نخبة من أكبر علماء ذلك العصر.
- مقام الصحابي أبي زمعة البلوي: وهو من أهم المزارات الدينية في تونس.
- مقام سيدي عبيد الغرياني
- مقام سيدي عمر عبادة
- بئر بروطة
- فسقيات الأغالبة
- جامع الأبواب الثلاثة
- المتحف الوطني للفنون الإسلامية برقادة
- سور المدينة: أبواب السور (باب الجلادين وهو الباب الرئيسي والاكثر حركية، باب تونس:ثاني أهم الأبواب، الباب الجديد:قبالة مسجد الزيتونة، باب الخوخة وهو الباب المؤدي إلى مسجد عقبة بن نافع، باب لِلاَ ريحانة وهو يؤدي إلى المسجد أيضا ويقع عند مقام سيدي السيوري…..
• الاسواق : سوق الربع حيث يباع سجاد القيروان الشهير (الزربية)، سوق البلاغجية حيث تصنع وتباع الاحذية والسروج، سوق الجرابة حيث تنسج وتباع الاقمشة والاغطية ولوازم صناعة السجاد, سوق العطارين حيث تباع العطرات والبخور ولوازم الاعراس, سوق النحاسين حيث تصنع وتباع آواني النحاس, سوق الخضراوين…
جامع عقبة بن نافع
جامع عقبة بن نافع أو جامع القيروان الكبير هو مسجد بناه عقبة بن نافع في مدينة القيروان التي أسسها بعد فتح إفريقية (تونس حاليًا) على يد جيشه. كان الجامع حين إنشائه على أغلب الظن بسيطاً صغير المساحة تستند أسقفه على الأعمدة مباشرة، دون عقود تصل بين الأعمدة والسقف.
حرص الذين جددوا بناءه فيما بعد على هيئته العامة، وقبلته ومحرابه، وقد تمت زيادة مساحته كثيرا ولقي اهتمام الأمراء والخلفاء والعلماء في شتى مراحل التاريخ الإسلامي، حتى أصبح معلماً تاريخياً بارزاً ومهما. و بناء الجامع في شكله وحجمه وطرازه المعماري الذي نراه اليوم يعود أساسا إلى عهد الدولة الأغلبية في القرن الثالث هجري أي التاسع ميلادي وقد تواصلت الزيادات والتحسينات خصوصا في ظل الحكم الصنهاجي ثم في بداية العهد الحفصي.
و يعتبر المسجد الجامع بالقيروان من أضخم المساجد في الغرب الإسلامي وتبلغ مساحته الجملية ما يناهز 9700 متر مربع ومقايسه كالتالي ما يقارب 126 متر طولا و 77 متر عرضا وبيت الصلاة فيه واسع ومساحته كبيرة يستند إلى مآت الأعمدة الرخامية هذا إلى جانب صحن فسيح الأرجاء تحيط به الأروقة ومع ضخامة مساحته فجامع القيروان الكبير أو جامع عقبة بن نافع يعد أيضا تحفة معمارية وأحد أروع المعالم الإسلامية.
منظر خارجي للجامع
جامع القيروان يحتوي على كنوز قيمة فالمنبر يعتبر تحفة فنية رائعة وهو مصنوع من خشب الساج المنقوش ويعتبر أقدم منبر في العالم الإسلامي ما زال محتفضا به في مكانه الأصلي ويعود إلى القرن الثالث للهجرة أي التاسع ميلادي. كذلك مقصورة المسجد النفيسة التي تعود إلى القرن الخامس هجري أي الحادي عشر ميلادي وهي أيضا أقدم مقصورة ما زالت محتفضة بعناصرها الزخرفية الأصلية. الشكل الخارجي للجامع يوحي للناظر أنه حصن ضخم إذ أن جدران المسجد سميكة ومرتفعة وشدت بدعامات واضحة.
تاريخ الجامع
أول من جدد بناء الجامع بعد عقبة هو حسان بن النعمان الغساني الذي هدمه كله وأبقى المحراب وأعاد بناءه بعد أن وسعه وقوى بنيانه وكان ذلك في عام 80 هـ.
في عام 105 هـ قام الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك بالطلب من واليه على القيروان بشر بن صفران أن يزيد في بناء المسجد ويوسعه، فقام بشر بشراء أرض شمالي المسجد وضمها إليه، وأضاف لصحن المسجد مكانا للوضوء وبنى مئذنة للمسجد في منتصف جداره الشمالي عند بئر تسمى بئر الجنان. وبعدها بخمسين عاما (155 هـ) قام يزيد بن حاتم والي أبي جعفر المنصور على أفريقية بإصلاح وترميم وزخرفة المسجد.
في عام 221 هـ قام ثاني أمراء الأغلبيين زيادة الله بن الأغلب بهدم أجزاء من الجامع لتوسعته كما قام برفع سقفه وبنى قبة مزخرفة بلوحات رخامية على اسطوانة المحراب. أراد زيادة الله أن يهدم المحراب إلا أن فقهاء القيروان عارضوه وقالوا له «إن من تقدمك توقفوا عن ذلك لما كان واضعه عقبة بن نافع ومن كان معه». قال بعض المعماريين «أنا أدخله بين حائطين فيبقى دون أن يظهر في الجامع أثر لغيرك»، فأخذ بهذا الرأي وأمر ببناء محراب جديد بالرخام الأبيض المخرم الذي يطل منه الناظر على المحراب.
في عام 248 هـ قام أحمد بن محمد الأغلبي بتزيين المنبر وجدار المحراب بلوحات رخامية وقرميد خزفي. وفي عام 261 هـ قام أحمد الأغلبي بتوسعة الجامع وبنى قبة باب البهو وأقام مجنبات تدور حول الصحن. في هذه المرحلة يعتقد أن الجامع قد وصل إلى أقصى درجات جماله.
في عام 441 هـ قام المعز بن باديس بترميم المسجد وتجديد بنائه وأقام له مقصورة خشبية لا تزال موجودة إلى يومنا هذا بجانب محراب المسجد. قام الحفصيون بتجديد المسجد مرة أخرى بعد الغزوة الهلالية.
مقاييس الجامع
المسجد اليوم لا يزال يحتفظ بمقاييسه الأولى التي كان عليها أيام إبراهيم بن أحمد الاغلبي، يبلغ طوله 126 متراً وعرضه 77 مترا. وطول بيت الصلاة فيه 70 مترا وعرضه حوالي 38 مترا وصحنه المكشوف طوله 67 وعرضه 56 مترا. ولهذا الصحن مجنبات عرض كل منها نحو ستة أمتار وربع المتر. يغطي بيت الصلاة نصف مساحة المسجد تقريبا.
المئذنة والقباب
تعتبر مئذنة جامع عقبة من أجمل المآذن التي بناها المسلمون في أفريقيا. وتعد جميع المآذن التي بنيت بعدها في بلاد المغرب العربي على شاكلتها ولا تختلف عنها إلا قليلا، ومن المآذن التي تشبهها مئذنة جامع صفاقس، ومآذن جوامع تلمسان وأغادير والرباط وجامع القرويين، هذا غير بعض مآذن مساجد الشرق كمئذنة مسجد الجيوشي في مصر.
تتكون المئذنة من ثلاث طبقات كلها مربعة الشكل، والطبقة الثانية أصغر من الأولى، والثالثة أصغر من الثانية، وفوق الطبقات الثلاث قبة مفصصة. يصل ارتفاع المئذنة الكلية إلى 31.5 متراً.
تقع المئذنة في الحائط المواجه لجدار القبلة في أقصى الصحن المكشوف، وضلع طبقتها الأولى المربعة من أسفل يزيد على 10.5 متر مع ارتفاع يضاهي 19 مترا، وتم بناء الأمتار الثلاثة والنصف الأولى منه بقطع حجرية مصقولة، بينما شيد بقية جسم المئذنة بقطع حجرية مستطيلة الشكل كقوالب الأجر.
الطابق الثاني من المئذنة مزين بطاقات ثلاث مغلقة ومعقودة في كل وجه من أوجه المنارة، في حين زين كل وجه من أوجه الطابق الثالث بنافذة حولها طاقتان مغلقتان، ويوجد في أعلى الجدار الأعلى من كل طابق شرفات على هيئة عقود متصلة ومفرغة وسطها.
يدور بداخل المئذنة درج ضيق يرتفع كلما ارتفع المبنى متناسبا مع حجمه حيث يضيق كلما ارتفعنا لأعلى. يعتقد أن هذه المنارة لم تبن دفعة واحدة، حتى إن الجزء الأول الأضخم منها بني في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك أيام واليه على القيروان بشر بن صفوان، ثم أكملت عملية البناء بعد مدة طويلة حيث بني الجزءان الثاني والثالث فوق تلك القاعدة الضخمة.
القباب
في مسجد عقبة ست قباب :
• قبة المحراب وتعد أقدم قبة بنيت في المغرب الإسلامي.
• قبة باب البهو على مدخل البلاط الأوسط من جهة الصحن، وقد تم الاعتناء بها وزخرفتها بشكل كبير، وأعطت توازنا على بيت الصلاة. بعدها، أصبح بناء قبتين في بيوت الصلاة قاعدة ثابتة في مساجد المغرب الإسلامي.
• قبتان تعلوان مدخل بيت الصلاة في الشرق والغرب.
• قبة تعلو المجنبة الغربية للمسجد.
• قبة في أعلى المئذنة.
زخارف الجامع
من أفضل زخارف الجامع زخارف المحراب والقبة التي فوقه. تكسو المحراب زخارف منقوشة على ألواح رخامية يوجد فيها فراغات تسمح بدخول الضوء وقد زين جدار المحراب بمربعات من الخزف ذو البريق المعدني المذهب. تغطي القبة زخارف نباتية على شكل ساق متوسطة أو فروع متموجة تتدلى منها عناقيد من العنب.
أما المنبر فهو محفور على الخشب وفيه زخارف هندسية ونباتية، ومصنوع من خشب الساج المستورد من الهند ويتكون من أكثر من 300 لوحة منقوشه تتميز بلونها الزخرفي الفريد وهذا المنبر من أبدع ما أنتجته المدرسة القيروانية في ظل الحكم الأغلبي ويعود عهده إلى عام 248 هـ.
وتعتبر المقصورة التي توجد على يمين المنبر من أقدم المقصورات في العالم الإسلامي ويعود عهدها إلى القرن الخامس هجري أي الحادي عشر ميلادي وقد أمر بصنعها الأمير المعز بن باديس من سلالة بنو زيري. والمقصورة تحفة فنية من خشب الأرز المحفور والمصقول بشكل بديع وقد زيّنت بنقيشة كتبت بالخط الكوفي المورق تعدّ من أروع النماذج الخطية في الفن الإسلامي.
بيت الصلاة جامع عقبة
الرواق الاوسط لبيت الصلاة يتصدره المحراب
صورة خارجية للمأذنة جامع عقبة
الواجهة الامامية لبيت الصلاة
الباحة الخارجية للجامع
اضافة للجامع الكبير توجد بمدينة القيروان العديد من المساجد الثانوية الاخرى التي نجدها داخل الاحياء الشعبية. وتقدم هذه الصور البعض منها.
جامع اللولب
مسجد الشيخ النوري
جامع العلاني
مسجد سيدي عبد الجبار
جامع الحنفية
جامع المعلق
مسجد الحصري
مسجد العواني
مسجد بن عمروس
مسجد ابي ميسرة
مقام سيدي ابي زمعة البلوى “صاحب الطابع”
يحضى هذا المقام بشهرة منقطعة النظير للحديث الوارد في حق اصحاب الرسول المدفونين فيه. ويعد ابو زمعة البلوي احدهم ويعرف بالسيد “الحجّام” نسبة الى الحجامة التي كان ابا زمعة يتعاطاها وكان يختص بها لدي الرسول. وأبو زمعة عبيد بن ارقم البلوي هو احدهم وهو ممن شهد بيعة الرضوان وبايع الرسول تحت الشجرة وشهد فتح مصر وغزا افريقية مع معاوية ابن حديج سنة 34 هـ. ومات بالقيروان ودفن بالبقعة التي تعرف الان بالبلوية.
يضم المعلم ضريح وجامع ومدرسة. وتزين باب المدرسة لوحة رخامية تؤرخ بناء قبة الضريح على يد حمودة باشا المرادي سنة 1092هـ / 1629م. وتعد الصومعة والمدرسة من اضافات محمد باي فيما بين سنتي 1685 و 1690 م. وادخل على البناء في جملته تحسينات كثيرة في القرن الماضي دون ان يفقد من تناسقه العام. وتمتاز جدرانه من الداخل بمربعات الجليز التي تكسوها مختومة بلوحات من الجبس المنقوش لحدود سماء القبة ومضلعاتها. وتعتبر زخارف الجليز الملونة وهندساته المختلفة من اجمل ما يشاهد من فن اسلامي حديث وهو الفن المغربي الاندلسي المولد. ويزدان باب المقام وشبابيكه بافضل انواع الرخام الايطالي الملون وأجوده صنعا. اما البيت الذي فيه قبر الصحابي لايكاد يبعد جداره للضريح بأكثر مما يكفي للزائر لأداء تحية المسجد. وفضلا عن كسوة الضريح التي يتانق اهل القيروان في صنعها ويحتفلون بوضعها عليه يمتلئ المكان بالسناجق والإعلام تنافس الوانها الزاهية الزرابي المفروشة والمعلقة مع صفوف من الايات والأحاديث والإشعار والأدعية .
ويشهد المعلم يوم المولد الشريف موكب رسمي واحتفالا يتناول فيه الاهالي العصيدة ويلقي بحضرتهم الامام قصة المولد وبإنشاد مجموعة من الاذكار والمدائح.
نقيشة تعريف مقام صاحب الطابع
المدرسة التابعة للمقام
الرواق المؤدي الى ضريح سيدي ابي زمعة البلوى
مدخل المقام
ضريح سيدي الصحبي
مأذنة المسجد التابع لمقام سيدي ابي زمعة البلوى
فسقية الاغالبة
وهي الوحيدة الباقية من بين الخمس عشر بركة محيطة بها وبانيها هو ابو ابراهيم احمد ابن الاغلب الامير الاكثر اعمالا جليلة بجامع عقبة. وهاته الفسقية دائرية مضلعة الشكل يبلغ شعاع الكبرى 128 م وعدد اضلاعها 48 ضلعا وعمقها حوالي 6م وبإمكانها ان تسع 50000 م3. ويبلغ شعاع الصغرى 37 م و 17 ضلعا. وهما عبارة عن حوضان كبيران يصل الماء الى الحوض الاول الصغير فتنكسر حدته وتترسب منه الاتربة والأوساخ ليتدفق الزائد عليه المصفى عبر منفذ مرتفع يصب في الحوض الكبير. وقد كان الماء يصلها من مصادر مختلفة بعضه من جبل الشريشيرة على بعد 36 كم جنوب القيروان ولم يبق اليوم من حنايا القنطرة إلا أربع حنيات. وتتوسط الفسقية صومعة مثمنة بأعلاها قبة مفتحة الابواب مخصصة لمجلس الامير وأوقات فرجته ونزهته.
منظر عام للفسقيات
جامع الثلاث بيبان
هذا الجامع ذو ثلاثة ابواب ومنه تسميته. وكل قيمته الفنية ليست في عدد ابوابه بل في واجهته ذات العقود الثلاثة بعدد ابواب المسجد، وهي واجهة لا مثيل لها في ما بقي من مساجد العصر القيرواني الأول لأنها نقش بديع على الحجر الكذال وليست كما جرت العادة على الرخام. ولأن فيها من صنوف الزخارف النباتية والهندسية والكتابية البارزة والمنمقة ما يعجب الصناع فضلا عن عامة الزائرين. وفي زخرفة استعمال طريف لعنصر الرصاص. وصورة الواجهة عبارة عن لوحات اربع متضامة تولف كلا واحد في غاية من التنسيق تعلوها شرفة ذات اطناف تقيها من اثار المطر وهي ايضا على جانب من الروعة لا يقل عن الواجهة.
ومما نقرا بالكتابة الكوفية على شريط الواجهة “…. امر ببناء هذا المسجد محمد بن خيرون المعافري الاندلسي تقربا الى الله …” وكان بناؤه في سنة 252 هـ/ 866 م . والصومعة القائمة بأحد اركانه زيادة فيه مع نص بالخط الحفصي، وتعود الى 844 هـ/1440م وتسببت في طمس بأخر النقش المكتوب. وبداخل المسجد اعمدة وتيجان نادرة من عهد ما قبل الاسلام. وهو فريد في كونه المسجد الوحيد بالقيروان بدون صحن وإنما تقع بيت الصلاة مما يلي ابوابه الثلاثة المفتوحة على الشارع.
وكان ابن خيرون من كبار التجار الاندلسيين بالقيروان ممن قد يكونون اتو بتشجيع من ابي جعفر بن هارون البغدادي صاحب ابي عبد الله الداعي الذي كان بقرطبة قبل قيام الدولة العبيدية وقد توفي بالسجن من شدة العذاب كما ذكر في كتب الطبقات سنة 300 هـ.
الواجهة الامامية لجامع الثلاث بيبان
المحراب
زاوية سيدي عمر عبادة
عمر عبادة ولي من طبقة غريبة مخالفة لطبقة السيد الصاحب، إلا انه رغم حداثة عهد القيروان ب هالا انه يزاحم بعدد زواره والمجاورين لمقامه معظم اولياء القيروان خاصة بقبابه الخمس البيضاء .
وموقعه في حي الجلاص يؤكد من ناحية نسبه في ذلك العرش المجيد من عروش القيروان ويؤكد من ناحية اخرى تأثيره على ملك البلاد انذاك احمد باي، صاحب المحمدية، المعروف بتبذيره لأموال، فهو الذي انفق في بناء زاوية هذا الولي لاعتقاده به. وهي على اتساعها تضيق بإعمال عمر عبادة الصناعية على الحديد والخشب والحجارة ونحوها فقد كان حدادا تميزت مصنوعاته بالمتانة والضخامة وهذا سر عظمته. توفي عبادة في سنة 1272هـ/1855م ودفن بخلوته التي رممت لتاوي معرضا يضم جميع اثاره ويكون متحفا لصناعاته خاصة السيوف التي تسمي بها جامعه “جامع السيوف”.
زاوية سيدي عمر عبادة 1261هــ/1844 م
لوحة رخامية حديثة تؤرخ زاوية الشيخ عمر عبادة
منظر خارجي للزاوية
زاوية سيدي عبيد الغرياني
هي زاوية ومدرسة وجامع معا. وموقعها بالقرب من باب الجلادين الذي يمنحها مركزا حساسا في ربع من ارباع المدينة. وكان اهاته الزاوية دور عظيم في القرن التاسع خصوصا وكان لإتباع صاحبها الاول سيدي الجديدي صولات وجولات في المحافظة على روح البلاد وصلتها بالعالم الاسلامي الخارجي. ثم صارت الى ملك احد اتباعه المقربين اليه الشيخ عبيد بن يعيش الغرياني المتوفى سنة 805هـ/1402م. وكان صاحب طريقه لها ريادة على الطرق الصوفية المنتشرة انذاك وكانت قيادة القيروان الروحية في تلك الشدائد التي حصلت بين الشابيين والحفسيين والحفصيين والأتراك وبين الاتراك والأسبان الى انصار هاته الزاوية.
للمعلم ثلاثة مداخل تم ترميم وتجديد بعضها كضريح الشيخ والغرف العلوية وبيت الصلاة والصحن والمجنبات القائمة حوله بعقودها المرصوفة بمبلطات من الرخام الاسود والأبيض. وأجمل من هندسة تبليط صحن الزاوية لفسيح بذينك اللونين من الرخام الغرفة التي بها الضريح وخاصة سقفها والقبة المضلعة التي تزيينه فهي من الخشب الخالص والمزخرف والمنقوش بشتى الزخارف والألوان. وهي اية للناظرين لا تعدلها قبة في القيروان اطلاقا. ويساميها بأعلى جدران الغرفة المربعة نقوش على الجبس بديعة التشكيل منحوت في اطارها كلمتي “العافية” و” لاغالب الا الله”. وجدران المجنبات كلها مكسوة بأفخر الجليز بالوانه التونسية الزاهية، ورسومه الهندسية والزهرية البديعة من جنس تلك التي تكسو جدران الضريح اما التابوت الخشبي المورى به القبر فهو تحفة فنية فريدة من نوعها رغم ما اكل القدم من الوانه وخطوطه الفنية. ويحتل الزاوية اليوم الادارة الجهوية للمعهد الوطني للتراث وجمعية صيانة مدينة القيروان العتيقة وهي اليوم مغلقة بسبب اعمال الصيانة والترميم.
الواجهة الامامية لزاوية سيدي عبيد الغرياني
زاوية سيدي عبيد الغرياني من الداخل
بير بروطة
لكل مدينة زمزمها وزمزم القيروان هو ماء بروطة. اذ شرب منه الزائر للقيروان عاد اليها . هاته البئر قديمة قدم القيروان نفسها ولا يعرف لها اصل ولا معنى محقق لاسمها. يخرج ماؤها في جرار من الفخار الملون مترابطة فوق ظهر ناعورة يديرها جمل موقوف على البئر من المهد الى اللحد يدرها وهو معصوب العينين . ومن هاته البئر تتزود الحنفية القائمة بأسفل جداره الخارجي من ناحية سوق الزرابي المطل على سماط القيروان لحديث أي الشارع الكبير الذي يتوسط المدينة.
هاته البئر قد تكون احدثها هرثمة ابن اعين حين ولاه الرشيد افريقية، فقد ذكر الرقيق في تاريخيه انه : ” في مدة هرثمة بن اعين حفر بئر واسعة الفم لها سفرة رخام، غزيرة المياه بالقرب من سوق الأحد ويظن انها هي. إلا ان البناية المقامة عليه يعود تاريخها الي ما بين سنتي 1676 او 1690 م وفي لوح من الرخام على واجهة باب الدخول نقش مطعّم بالرصاص بع شعر مؤرخ في سنة 1101هـ . ويذهب الاعتقاد بعض الناس ان بئر بروطة وبئر ماء زمزم متصلان ببعضهما.
منظر خارجي للمعلم
منظر داخلي للمعلم
السور
يحيط بالمدينة العتيقة ذات الشكل الرباعي المتكسر الاضلاع (نحو كم طول و ½ كم عرض) سور عظيم الحجم كبير الارتفاع معقود الشرفات اجري اللون كالدرع جدرانه مسرودة من مستطلات الاجر المشوي المستعمل بالجامع والمستعمل ايضا بكثرة في البناء بالمدينة الى عهد قريب قبل ان تقل افرانه بالجهة.
السور من الجهة الشمالية (باب تونس)
وقد بنى هذا السور اول ملوك الحسينيين الباى حسين بن على بين سنتي 1705 و 1712م خلفا للسور الذي بناه المعز لدين الله الصنهاجي في سنة 443 هـ / 1052 م. وكان للمدينة سور اكبر بكثير من السور الحسيني. وبأعلاه ممر واسع للعسة تحفظه من جانبيه شرفات معقودة صماء. ومن ابوابه الجميلة باب الشهداء (باب الجلادين سابقا) وهو قائم على عقدين ويحمل اصلاحات مؤرخة بسنة 1772م وتحلي اعتمدته تيجان من العصر البيزنطي مثل تيجان اعمدة باب الخوخة الذي كان بناؤه في سنة 1705 ويمتاز هذا الباب بالقبة القائمة عليه وهي مبنية من الاجر المتراكب. اما الباب المواجه لشارع ابراهيم ابن الاغلب فهو حديث البناء لتسهيل المرور الالي الى الجامع رغم وجود تيجان قديمة جدا فوق اعمدته. ويواجه باب الشهداء في الطرف الاخر من المدينة باب عريق الاسم متداخل التركيب هو باب تونس فتح بجانبه مدخل لتسهيل مرور السيارات. وهذا الباب يمتاز بمنعطف واسع بداخله يشغله بعض اصحاب الحرف القديمة. وللسور خرجات بارزة مربعة او مدورة وبداخل ناحية منه غير بعيدة من باب تونس تقع القصبة وهو مبنى مربع يمتاز بشرفاته ذات الفجوات الدفاعية. ويقال ان جميع برك القيروان الخاصة بتجميع مياه المطر كانت خارج السور. وليس منها الان ماهو بارز غير بركة الاغالبة والتي تبعد عنه حوالي 1كم.
المقابر
يوجد منها العديد الذكورة في كتب التاريخ كمقبرة باب سلم فقد اندثرت وأخرى اشتهرت بأسماء بعض الاعلام المتأخرين المدفونين بها كمقبرة سيدي عرفة وجبّانة سيدي السيوري وجبّانة اولاد فرحان ومقبرة سيدي الدهماني واشهر المقابر وأشرفها مقبرة الجناح الاخضر والمقبرة البلوية، نسبة الي ابي زمعة البلوي.
ضريح الولي الصالح الشبلي من ذرية سيدي عبد السلام
المواقع الأثرية
رقادة
وهي تعتبر مدينة الاغالبة الثانية بناها ابراهيم الثاني في سنة 263 هـ/ 876م ، تبعد حوالي سبعة اميال جنوب القيروان واستبدل بها العباسية كما استبدل الخليفة المعتصم مدينة بغداد بعاصمته الجديدة سامراء. وجعل الامير لرقادة سورا كسور القيروان وابتنى قصورا عديدة، منها قصر الفتح له، وقصر الصحن وقصر بغداد وقصر الماء وقصر البحر، ونقل اليها دواوين الدولة، واحتف ربها جملة من الابار والصهاريج الواسعة، ورتب اسواقها ترتيبا محكما وبنى بها جامعا فسيحا. إلا ان رقادة اليوم اندثرت ولم يبق من معالمها إلا بعض الخرائب كشفت عنها سلسلة من الحفريات وسط تلال من طمي واد زرود.
ومما اكتشف بها من اثار نجد لوحات فسيفسائية اغلبية وفسقية مستطيلة الشكل. وبالقرب نجد القصر الاثري يحدوه قصر بورقيبة الذي اصبح مركزا لدراسة الحضارة والفنون الاسلامية سنة 1974، جزء منه الان يضم المتحف يعرض فيه تراث المكتبة العتيقة التي كانت موقوفة لجامع القيروان ومحفوظة بما تحتوى عليه من نوادر المخطوطات.
متحف رقادة / مركزا لدراسة الحضارة والفنون الاسلامية
صبرى المنصورية
وهي مدينة الفاطميين القيروانية، بعد ان مالوا عن المهدية واستطابوا القرب من العاصمة الاولى وخاصة بعد ان تغلب امامهم المنصور بالله على ثورة صاحب الحمار، ابي يزيد الخارجي، بناها الامام بقرب القيروان حتى ان المعز بن باديس وصل في سنة 444 هـ سورها الدائري بسور القيروان وجعل الحركة بين المدينتين تمر بفيصل بينهما. واشتق المنصور اسمها من صبر عسكره في الحرب. واشتق اسمها الثاني من لقبة . وجاء في وصفها انها “مدورة مثل الكأس ودار السلطان وسطها على عمل المدينة والماء يجري وسطها، حسنة السواق، وعرض سورها اثنا عشر ذراعا”
العباسية
بناها ابراهيم بن الاغلب في السنة الاولى من ولايته عام 185هـ/801م. وكانت تعرف ايضا بالقصر القديم وتقع على ثلاثة اميال من القيروان وقد لا يكون الاسم يوحي فقد بدين الأغالبة الكبير للعباسيين وإنما نمط بنائها وأسماء قصورها يستوحى ايضا من بغداد خلفائهم الثلاثة السابقين المنصور والمهدي والرشيد. وفي التاريخ ذكر ان ابراهيم بن الاغلب استقبل في بهو العباسية سفيرا من قبل ملك الافرنج شرلمان، قيل انه طلب منه نقل جثمان احد القديسين المدفونين بافريقية. ويقال ايضا انه لولا الخندق العميق الذي احاط به الامير مدينته المجيشة لكانت ولايته سقطت بسبب انقلاب داخلي من طرف احد قواده. واليوم اندثرت قصور العباسية ودورها وخندقها ولم تبقي إلا الاسماء كقصر الرصافة وقصر البيض.
المخطوطات
ظلت مخطوطات القيروان محفوظة بمقصورة الامام بالجامع الكبير الى وقت قريب ثم وقع نقلها الى مركز الحضارة والفنون الاسلامية برقادة. وقد حظيت العديد من المؤلفات القيروانية المشهورة في بابها بالشروح وبالاختصارات وخاصة منها مدونة الامام سحنون (240 هـ/854م) وأسدية ابن الفرات (213 هـ/828م) ورسالة ابن ابي زيد القيرواني. وبلغ من تضلع فقهاء القيروان ان نسبت عدة مسائل الى فقههم، كالشرط القيرواني في الانكحة والقفيز في المكاييل وغيرهما، ولقد تحدث الدارسون للفقه الاسلامي عما يسمى بالمدرسة القيروانية في المذهب المالكي.
والمخطوطات القيروانية تمثل قمة ما وصل اليه التطور والتجديد في فنون الخط والتجليد والتذهيب بالقيروان في عصور ازدهارها. وكل تلك الفنون وما يتصل بها كانت لها صناعات مختصة بها لتحضير ادواتها وموادها المختلفة، وكانت لها ادابها الخاصة.
وفي حديث للمؤرخ عبد الرحمان الكعاك عن الكتب والنميات القيروانية يقول ” ادا تصفحنا المصاحف القيروانية التي ظهرت خلال العهد المهلبي والأغلبي وجدناها مذهبة منمنة مزخرفة الى ابعد غاية. ووجدنا الخط الكوفي قد بلغ فيها منتهى زخرفه ادا استثنينا ما سيظهر في العهد الصنهاجي من تزهير وتوريق وتجشير وتعنيق، ومن كوفي بديع يعتمد بالخصوص على المفارقات وهي الاسترقاق والاستعظام… فمن نظر في مصحف الفتاة القيروانية “فضل” قضى العجب من جماله، فكأنه مسبق عن النميات الفارسية. أرضية المصحف فرشت من الكمثري والتفاح الصغير جدا والشفاف كأنه خيال مع ظهور طيف من الوانه وهو فوق رق الغزال كأنه السندس والمتابة كوفية رائعة محضنة بالسواد والاسمانجوى. ومن رأى مصحف الرق الازرق المكتوب بالذهب رأى أعجوبة الدينا…وقد كانت العادة بالقيروان ان الفتاة المقبلة على الزواج تهدى الى ضريح الصاحب أبي زمعة البلوي مصحفا من خطها وتزويقها وتنميقها وزربية للصلاة بنفس الاسلوب…، فتكونت بدلك مجموعة من المصاحف الفريدة والزرابي الوحيدة ” (العلاقات بين تونس وإيران، ص 176) .
ويظن المؤرخون ان الفنون الاولى للتجليد الكتب وزخرفتها وطريقة لفها او طيها جاءت عن طريق القبط المصريين. ومع نمو الحضارة بالقيروان تطورت تلك الفنون الى ان اصبحت الزخرفة الخطية والهندسية والنباتية كذلك على مختلف المواد الجلدية والخشبية والحريرية والمعدنية ونحوها تمثل تقنيات معقدة تعقيد براعة وإتقان.
إن مجموعة الرقوق القيروانية تعتبر من أشهر وأكبر المجموعات المتبقية وتتكون من ثلاثة اقسام متكاملة، وهي قسم الوثائق والرسوم، وقسم الكتب والأصول الفقهية المالكية التي يرجع تاريخ اقدمها الى سنة 231 هـ، قسم المصاحف ومنها المعروضة اليوم في بعض المتاحف وهي صفحات من مصاحف تشتمل على كامل النص القرآني مجلدة تجليدا معاصرا لكتابتها. ويتراوح عمر المجموعة بين القرنين 3هـ/9م و6هـ/12م، وقد ساعدت الظروف المناخية المعتدلة لمدينة القيروان على الحفاظ على حالتها. وقد عثر على فهرس وصفي دقيق لمجموعة هده المصاحف يعود للقرن 6هـ ، ويشتمل على تفصيل البيانات عن كل المجموعة وأسماء خطوطها ووصف الوانها وجلودها والربعات الخشبية المركنة والمبطنة بالجلد او بالحرير التي كانت مهيأة لحفظ النسخ القرآنية المجزاة.
ويرجع اقدم مصحف الى سنة 295 هـ حيث كتبت فضل مولاة ابي ايوب محمد نسخة كاملة من القران بقيت مئات الصفحات منه الى اليوم. ولعل اهم بقايا المجموعة القيروانية وأكثرها دلالة على الصناعات الفنية هو المصحف الذي اعد باسم السيدة في البلاط الصنهاجي ذات الاصول المسيحية السيدة فاطمة حاضنة الامير ابي مناد باديس بن منصور، الذي اشرفت على تمويله ومتابعة العمل فيه كاتبته درة وتولى صناعته احمد بن على الوراق، وإذا كنا نعرف ان صناعة الكتاب تقوم على جملة من الاختصاصات والإخصائيين كالمذهب والمزوق والخطاط والمجلد.
ورقة من المصحف الازرق محفوظة في منحف الفنون الاسلامية برقادة
العادات والتقاليد
للقيرواني عاداته وتقاليده. وهي عادات وتقاليد عربية اسلامية تختلف بطابعها المميز عما نجدة في بقية المدن التونسية. خاصة في المواسم والأعياد، نلاحظ ذلك في اللباس التقليدي خاصة الجبة والبرنس والعمامة. يرتديها القيرواني في المناسبات كعاشوراء وذكرى الشهيد الحسين عليه السلام والمولد النبوي الشريف والعيدين. وأهمها المولد النبوي الشريف حيث يعود الاحتفال الى ما قبل القرن الماضي. حيث تعد العصيدة تبركا في صباح المولد مع الاحتفال لاستقبال الناس في مختلف مساجد القيروان وزواياها وخاصة الجامع الكبير.
كما ارتبط الاحتفال بالمولد بزيارة ضريح أبي زمعة البلوي لتلك الشعرات النبوية الموجودة اعتقادا في مدفن القبر. وأصبح ما يميز الاحتفال بالمولد هو انتقال رجال الدولة الي القيروان للإشراف على الحفل بالجامع ليلة المولد حيث تقام الصلاة وقراءة الامام لقصة المولد وتقدم العصيدة ومختلف انواع الحلويات القيروانية على انغام الفرقة الموسيقية المولدية ويعبق البخور وتتلألأ الانوار والأعلام وتتحول المدينة ليلة المولد الى مهرجان من باب تونس الى باب الجلادين يأتيها المحتفلون من شتى المدن التونسية لتزين المدينة بالأعلام وبشتى أنواع الزرابي والمنسوجات القيروانية والأضواء وأصعدة المباخر والعطور التي تعم المدينة العتيقة.
ومن أهم المأكولات نجد الحلويات كالعصيدة وهي بالأساس طعام المولد النبوي الشريف الى جانب المقروض الذي يقدم في كل المواسم والأعياد. والمقروض قديم قدم سماط القيروان لأنه يعرض منذ القديم على طول السماط وهو الاسم الذي كان يطلق على الشارع الكبير الذي يتوسط المدينة قبالة الجامع.
خبز سميد خاصية المأكل القيرواني
الى جانب المقروض يعرض في هذا الشارع ايضا الزرابي القيروانية وهي المفضلة في افريقية والمغرب عامة. الى جانب الزرابي نجد الجلود والنحاسيات والصوفيات. إلا ان الزربية هي الصناعة النسائية القيروانية الاولى بدون منازع وبامتياز. واهم شكل مميز للزربية القيروانية هو شكل المعين الذي يتخذه المقروض كما يستعمل ايضا في نقش النحاسيات وهذا الشكل يؤكد الصلة المتينة لهذه الصناعات بالتراث القديم الافريقي البربري.
متجر زرابي في وسط السوق
متجر للزرابي القيروانية
الى جانب هذه الصناعات نجد كذلك الصناعات الصوفية كالكليم والقطيف والمرقوم التي عرفت بها المدينة منذ القديم. فنجد البخنوق والحرام والقشابية والحولى والعبانة والجبة والبطانية وخاصة الحائك القيرواني المشهور.
حانوت تقليدي متخصص في صنع لحايك
وفي هذه السوق نجد ايضا العديد من المعروضات المصنوعة في القيروان متنوعة الاستعمالات والمواد. نجد الحلاب والطاسة والإبريق والصينية والطنجرة والنحاسة والمثرد والمقفول والكسكاس والشربية والقلة والمنفظة والغربال والغناي والمغرف والغنجاية والرحي والبلغة والكندرة …… وغير ذلك من الادوات .
للقيروانيين عادات غذائية معروفة كالكفتاجي القيرواني والخبز السميد والاسفنجة بالعسل…. والقيرواني بصفة عامة لا يميل الى الاكل بالمطاعم فهو يفضل الماكولات المنزلية كالكسكسي بالزبيب وكسكسي بالمسلان واالبرغل وغيره من المشروبات كاللبن والمأكولات القيروانية المعروفة .
ببليوغرافيا
المصادر
ابو العرب تميم (والخشني)، طبقات علماء افريقية وتونس، تونس 1967
الدباغ (وابن ناجي)، معالم الايمان في معرفة اهل القيروان، تونس 1320
ابن ناجي يشير (المعالم، ط. تونس 1320هـ/1902م، ج. 1، ص30
ابن العذاري المراكشي، البيان المغرب في اخبار الاندلس و ، ج 1 ، ص.
البكري، المسالك والممالك، المغرب في ذكر بلاد المغرب، ليدن 1948
الادريسي، نزهة المشتاق في اختراق الافاق، ليدن 1866.
التجاني، رحلة التجاني، تونس 1958.
ابن ابي دينار، المؤنس في اخبار افريقية وتونس، تونس 1350.
المالكي، رياض النفوس، القاهرة 1951.
الرقيق القيرواني، تاريخ افريقية والمغرب، تونس 1968.
مؤرخ مراكشي مجهول في القرن السادس، الاستبصار في عجائب الامصار، الاسكندرية 1958.
ابن خلدون، كتاب العبر وديوان المبتدا والخبر( المقدمة والتاريخ).
ابن ابي الضياف، اتحاف اهل الزمان باخبار ملوك تونس وعهد الامان، تونس.
المراجع
حسن حسنى عبد الوهاب، ورقات في تاريخ الحضارة العربية بافريقية، تونس 1966.
عثمان الكعاك، العادات والتقاليد التونسية، تونس 1972.
مصطفى زبيس، القباب التونسية في تطورها، تونس 1959.
الحبييب الجنحاني، القيروان في عصور ازدهار الحضارة بالمغرب العربي، تونس 1968.
التهامي نقرة، القيروان عبر العصور، تونس 1964.
محمد العروسي المطوي، سيرة القيروان، تونس 1981.
المنجي الكعبي، النهشلي القيرواني، تونس 1978.
احمد فكري، المسجد الجامع بالقيروان، القاهرة.
محمد مسعود الشابي، رقادة، بمجلة افريقية، تونس.
ابراهيم شبوح، حول منارة قصر الرباط بالمنستير، بمجلة افريقية، تونس 1970.
A. Lezine et P. Sebag, Remarques sur l’histoire de la Grande mosquée de Kairouan, IBLA 99, 1962, p. 245-256.
A. Louhichi, Un échantillonnage de céramique d’époque médiévale de Qairawan, exemple d’application de recherches archéologiques de laboratoire, Africa XI-XII (1992-1993), p. 258-276.
A. Mahjoubi, Nouveau témoignage épigraphique sur la communauté chrétienne de Kairouan au XIe siècle, Les Cahiers de Tunisie, 45-46, 1964, p. 159-162.
A. Mahjoubi, Nouveau témoignage épigraphique sur la communauté chrétienne de Kairouan au XIe siècle, Africa I, p. 85-105.
B. Chabbouh et M. Terrasse, Kairouan, métropole de l’Islam nord-africain, Encyclopedia universalis, 1983, p. 421-423.
B. Roy et P. Poinssot (avec le concours de L. Poinssot), Inscriptions arabes de Kairouan, Tunis, 1950.
Ch. Lallemand, La Tunisie, Pays de protectorat français, Paris, 1892.
Ch. Monchicourt, Etudes kairouanaises, Revue tunisienne, 1931-1936
Ch. Saumagne, Note sur plusieurs inscriptions de Carthage, de Musti et de kairouan, B.A.C., 1928-1929, p. 363-371
F. Mahfoudh, Architecture et urbanisme en Ifriqiya médiévale (proposition pour une nouvelle approche), Centre de Publication universitaire, Faculté des lettres de la Manouba, Tunis, 2003.
F. Mahfoudh, Du plan de Kairouan à l’époque médiévale, Actes du VIIIe colloque international sur l’histoire et l’archéologie de l’Afrique du nord, (1er colloque international sur l’histoire et l’archéologie du Maghreb), Tabarka (Tunisie), 8-13 mai 2000, I.N.P., Tunis, 2000, p. 281-296.
F. Mahfoudh, Les installations hydrauliques en Ifriqiya à l’époque médiévale, Madar (en arabe), I, 1993, p. 15-41.
G. Marçais et L. Poinssot, Objets kairouanais, Notes et documents, t. XI, fasc. 2, Tunis, 1952.
G. Marçais, Coupoles et plafonds de la grande mosquée de Kairouan, Ed. Tournier et Vuivert, Tunis, Paris, 1925
G. Marçais, L. Poinssot, Objets kairouanais, Notes et documents, t. X, fasc. 1-2, Tunis, 1948.
G. Marçais, L’architecture musulmane d’Occident, A.M.G., Paris, 1954.
G. Marçais, Les faïences à reflets métalliques de la grande mosquée de Kairouan, P. Gueuthner, Paris, 1928.
G. Marçais, Tunis et Kairouan, Paris, 1937.
H. H. Abdelwahab, Sur l’emplacement de Qairouan, Revue tunisienne, 1940, p. 51-53.
H. R. Idriss, Les installations hydrauliques de Kairouan et des steppes tunisiennes du VII e au XIe siècle, Les Cahiers de Tunisie (chronique bibliographique), n° 5, 1954, p. 336-338.
H. Saladin, La mosquée de Sidi Okba à Kairouan, Paris, 1899.
H. Saladin, Tunis et Kairouan, Paris, 1908.
J. Despois, Kairouan, origine et évolution d’une ancienne capitale musulmane, Annales de Géographie, XXXIX, 1930, p. 159-177.
M. El-Habib, Stèles funéraires kairouanaises du IIIe/ Ixe au Ve / XI e siècles, étude typologique et esthétique, Revue des études islamiques, fasc. 2, 1975, p. 227-285.
M. Kaabi, Kairouan, Beyrouth, 1990.
M. Kerrou, Sainteté, savoir et autorité dans la cité islamique de Kairouan, dans l’autorité des Saints. Perspectives historiques et socio-anthropologiques en Méditerranée occidentale, sous la direction de M. Kerrou, Ed. Recherche sur les civilisations, Paris, 1998, p. 219-237.
M. Sakli, Kairouan, in Grandes villes méditerranéennes du monde musulman médiéval, Ecole française de Rome, 2000, p. 57-85.
M. Solignac, Recherches sur les installations hydrauliques de Kairouan et des Steppes tunisiennes du VII au XI e siècle, Annales de l’Institut d’études orientales, t. X, Alger, 1952.
M. Talbi, Al-Qayrawan, E.I., 2e édition, Leyde, t. 4, p.859-860.
M. Trabelsi, Le Kairouanais : ville-région, Thèse de doctorat d’Etat ès lettres de géographie, Paris VII, 1988 (dactylographiée).
N. Harrazi, Chapiteaux de la Grande mosquée de Kairouan, vol. I., texte, INAA, Tunis, 1982.
P. Penet, Kairouan, Sbeitla et le Djérid, Tunis, 1912.
P. Sebag, La grande mosquée de Kairouan, Delprire, Zurich, 1963.
Share this content:
Leave a Reply